ترحيب

ترحب المدونة بالزائرين وتتمنى لهم قرائات ممتعة ومفيدة

الأربعاء، 15 يونيو 2011

القواعد الثلاثة لتكون ثورة حقيقية تحقق اهدافها التى قامت من اجلها




ليس هناك فى هذه الأيام كلاما أبلغ مما قاله العلامة الكبير عبد الرحمن الكواكبى فى عام 1903 ليكون هناك ثورة حقيقية تحقق ما قامت من اجله بلتلخيص شديد :

1) الأمَّة التي لا يشعر أكثرها بآلام الاستبداد لا تستحقُّ الحريّة :


إنَّ الأمَّة إذا ضُرِبَت عليها الذلة، وتوالت على ذلك الأيام، فتلك الأمَّة، لا تسأل عن الحرية، ولا تلتمس العدالة، ولا تعرف للنظام ميزة، ولا ترى لها في الحياة وظيفة غير التابعية للغالب عليها، وقد تنقم  من المستبدِّ، ولكنْ، طلباً للانتقام من شخصه (حدث سابقا وحاليا) لا طلباً للخلاص من الاستبداد، فلا تستفيد شيئاً، إنما تستبدل مرضاً بمرض

وقد تقاوم المستبدَّ بمستبد آخر تتوسَّم فيه أنَّه أقوى شوكةً من الأول، فإذا نجحت فلا تستفيد  شيئاً، إنما تستبدل مرضاً بمرض، وربما تُنال الحرية عفواً، فلا تستفيد منها شيئاً؛ لأنَّها لا تعرف قيمتها، فلا تلبث الحرية أن تنقلب إلى فوضى، (يحدث حاليا) ثم إلى استبدادٍ مشوَّش أشدُّ وطأةً. ولهذا؛ قرَّر الحكماء أنَّ الحرية التي تنفع الأمَّة هي التي تحصل عليها بعد الاستعداد لقبولها، وأمَّا التي تحصل على أثر ثورةٍ حمقاء فقلّما تفيد شيئاً؛ لأنَّ الثورة غالباً- تكتفي بقطع شجرة الاستبداد ولا تقتلع جذورها، فلا تلبث أن تنبت وتعود أقوى مما كانت أولاً

فإذا وُجِد في الأمَّة الميتة من تدفعه شهامته للأخذ بيدها فعليه أولاً: أن يبثَّ فيها الحياة وهي العلم؛ أي علمها بأنَّ حالتها سيئة، وإنَّما بالإمكان تبديلها بخيرٍ منها، فإذا هي علمت حتى يشمل أكثر الأمَّة، وينتهي بالتحمُّس ويبلغ بلسان حالها إلى منزلة قول الحكيم المعرّي:
إذا لم تقُم بالعدل فينا حكومةٌ فنحن على تغييرها قُدَراء
وهكذا ينقذف فِكرُ الأمَّة في وادٍ ظاهر الحكمة يسير كالسيل، لا يرجع حتى يبلغ منتهاه.

2) الاستبداد لا يُقاوم بالشدة، إنما يُقاوم بالحكمة والتدريج :


أنَّ الوسيلة الوحيدة الفعّالة لقطع دابر الاستبداد هي ترقّي الأمَّة في الإدراك والإحساس، وهذا لا يتأتى إلا بالتعليم والتحميس. ثمَّ إنَّ اقتناع الفكر العام وإذعانه إلى غير مألوفه، لا يتأتّى إلا في زمنٍ طويل، والسبب في عدم الوثوق والمسارعة؛ لأنَّهم ألِفوا أن لا يتوقعوا من الرؤوساء إلا الغشّ. ولهذا كثيراً ما يحبُّ الأُسراء المستبدَّ الأعظم إذا كان يقهر معهم بالسوية الرؤساء والأشراف (حدث سابقا)، وكثيراً ما ينتقم الأُسراء من الأعوان فقط ولا يمسّون المستبدَّ بسوء؛ لأنَّهم يرون ظالمهم مباشرةً هم الأعوان دون المستبد.

ثمَّ إنَّ الاستبداد محفوفٌ بأنواعٍ القوات التي فيها قوّة الإرهاب بالعظمة, والجُند، والمال، وقوة رجال الدين، وأهل الثروات، وهذا يجعل الاستبداد كالسيف لا يُقابَل بعصا الفكر العام الذي هو في أوَّل نشأته يكون أشبه بغوغاء،
الاستبداد لا ينبغي أن يُقاوَم بالعنف، كي لا تكون فتنة تحصد الناس حصداً. نعم؛ الاستبداد قد يبلغ من الشدَّة درجة تنفجر عندها الفتنة انفجاراً طبيعياً، فإذا كان في الأمَّة عقلاء يتباعدون عنها ابتداءً، حتى إذا سكنت ثورتها نوعاً وقضت وظيفتها في حصد المنافقين، حينئذٍ يستعملون الحكمة في توجيه الأفكار نحو تأسيس العدالة.

3) يجب قبل مقاومة الاستبداد، تهيئة ماذا يُستبدل به الاستبداد :


إنَّ معرفة الغاية شرطٌ طبيعي للإقدام على كلِّ عمل، كما أنَّ معرفة الغاية لا تفيد شيئاً إذا جهل الطريق الموصل إليها، والمعرفة الإجمالية في هذا الباب لا تكفي مطلقاً، بل لا بدَّ من تعيين المطلب والخطة تعييناً واضحاً موافقاً لرأيِّ الكلِّ، أو الأكثرية وإلا فلا يتمّ الأمر، حيث إذا كانت الغاية  مجهولة عند قسم من الناس أو مخالفة لرأيهم، تكون فتنةً شعواء، (يحدث حاليا) وينقلب الأمر إلى انتقام وفتن.

ولذلك يجب تعيين الغاية بصراحة وإخلاص وإشهارها بين الكافّة، بل و حمل العوام على النداء بها وطلبها.

والمراد أنَّ من الضروري تقرير شكل الحكومة التي يراد ويمكن أنْ يُستبدل بها الاستبداد، وليس هذا بالأمر الهيّن. وهذا الاستعداد الفكري النظري لا يجوز أنْ يكون مقصوراً على الخواص، بل لا بدَّ من تعميمه
.
ونتيجة البحث،إذا لم تحسن أمّة سياسة نفسها أذلَّها الله لأمَّة أخرى تحكمها، كما يحدث بإقامة القيّم على القاصر أو السفيه، ومتى بلغت أمَّةٌ رشدها، وعرفت للحرية قدرها، استرجعت عزَّها، وهذا عدلٌ.

لمن يريد الكتاب كاملا اضغط هنا

هناك تعليق واحد: